الحضور في اللغة يعني الوجود وليس معناه بالضرورة المجيء إلى الشيء (يقال كنتُ حاضرًا إذ كلّمه فلان بمعنى شاهد وموجود وهو نقيض الغياب)، ويقال كنت حاضرًا مجلسهم، وكنت حاضرًا في السوق أي كنت موجودًا فيه. وقد ورد هذا المعنى في آيات كثيرة منها: قوله تعالى: (وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ) النساء. (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ) البقرة. (وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا) الكهف. أما المجيء فهو الانتقال من مكان إلى مكان، فالحضور إذن غير المجيء، ولهذا نقول الله حاضر في كل مكان دليل وجوده في كل مكان. وفي القرآن يقول تعالى (فإذا جاء وعد ربي جعله دكّا) سورة الكهف بمعنى لم يكن موجودًا وإنما جاء الأمر. وكذلك قوله تعالى (فإذا جاء أمرنا وفار التنور) سورة هود. إذن الحضور معناه الشهود، والمجيء معناه الانتقال من مكان إلى مكان. فقولكم يثبت الوجود ولا يثبت المجيء، مفرين من كلمة توافق النص، بزعم أنه قبيح للأذن، فغيرتم اللفظ، بقصد التقديس. فما الفرق بين هذا وما فعل الأشاعرة؟